موضوع: منهج الشرع في علاج المس والصرع الثلاثاء يناير 15, 2013 12:01 am
السؤال: إحدى النساء تحس بشيء يدخل في فرجها ويؤلمها وهي مستيقظة ، مع العلم أنها عذراء وغير متزوجة ، وفي بعض الأحيان شيء يلمس جسدها ويتحسسه ، وقد يحصل هذا الشيء وهي نائمة وتفزع من نومها من الألم الذي تواجهه في فرجها . ما العمل ؟ أفيدونا مأجورين .
الجواب : الحمد لله أولاً: ما تدَّعيه النساء ويدَّعيه الرجال في هذا الباب كثير ، وما يثبت في واقع الحال منه قليل ، فكم رأينا وسمعنا من مدَّعين ما ليس له أصل في واقع حاله ، لذا فإننا لا نتعامل مع الأمور بما يدَّعيه المدَّعي ، بل بما هو موجود فيه أصلاً . ومن خلال تأملنا في تلك الحالات المدَّعاة والنظر في أهلها وجدنا الأمر لا يخرج عن : 1. كون تلك الادعاءات أوهاماً وخيالاتٍ لا حقيقة لها . قال الأستاذ أسامة بن ياسين المعاني – وفقه الله – في نصائح مهمة للرقاة – : التأكد من أن الأمر خارج نطاق تلعُّب الشيطان بالإنسان ، لإيهامه بالصرع والسحر ونحوه ؛ لصدِّه عن الطاعة والعبادة والذِّكر . ” منهج الشرع في علاج المس والصرع ” ( ص 41 ) . 2. كونها حالة مرضية ، نفسية ، أو عضوية . قال الشيخان عبد الله الطيار وسامي المبارك – حفظهما الله – : وقد تشترك أعراض ” المس ” ” السحر ” ” العين ” ببعض الحالات في الأمراض النفسية أو العضوية ، فمثلاً : من أعراض المس : القلق ، فهل كل قلِق ممسوس ؟ فالحالة النفسية تسبِّب القلق في كثير من الأحيان ، والإعراض عن الرحمن يسبِّب القلق ، قال تعالى ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ) طه/ 124 . والصداع قد يكون سبه المس ، وقد يكون سببه أمراضاً عضوية . ” فتح الحق المبين في علاج الصرع والسحر والعين ” ( ص 64 ) . 3. كذب المدَّعي للوصول لأغراض دنيوية – كراحة من عمل أو تحقيق منال دنيوي – أو للتهرب من مسئوليات ملقاة على عاتقه . قال الأستاذ أسامة بن ياسين المعاني – وفقه الله – وهو من أهل الاختصاص في الرقية – : ولا بد قبل الانتهاء من ذكر خطوات العلاج من إيضاح مسألة هامة تتعلق بادعاء بعض الحالات الإصابة بالصرع والسحر والعين ونحوه ، لأسباب خاصة ، قد تكون اجتماعية ، أو اقتصادية الخ … ، وعلى ذلك : فلا بد للمعالِج من توخي الدقة والفطنة والفراسة والذكاء ، ومعرفة الصادق من الكاذب ، بناء على الممارسة والخبرة العملية في هذا المجال ، علماً بأن بعض تلك الحالات تستطيع تقمص دور الحالة المرضية والقيام بالدور على أكمل وجه . ” منهج الشرع في علاج المس والصرع ” ( ص 405 ) . 4. أن يكون الأمر حقيقة ، ويكون ثمة سحر ، أو عين ، أصيب به صاحب الحالة .
ثانياً: إن كان ما تشعر به صاحبة المشكلة هو حقيقة واقعة : فإنها – حينئذ- تكون مصابة بمسِّ العشق ، أو سحر العشق ، فقد يكون جنيّاً خبيثاً تسلط عليها بمسٍّ عشق ، أو تكون سحرت سحر عشق ، فتعلق بها جني خبيث فآذاها بفعله الذي تخبر عنه . سئل الشيخ عبد الله الجبرين – رحمه الله – : أعرف شخصاً يشكو أمراً وهو أنه إذا جاء للنوم يشعر – وهو على فراشه – بأن امرأة تجامعه ، ويتكرر ذلك معه كثيراً ، ويحصل منه الإنزال لذلك ، وقد سأل عن ذلك فأخبره البعض أنه ربما كانت تجامعه جنيَّة ، فهل هذا صحيح ؟ وهل يمكن أن يجامِع الإنسُ الجنَّ أو يتزوج منهم ؟ وما حكم ذلك ؟ . فأجاب : هذا ممكن في الرجال والنساء ، وذلك أن الجني قد يتشكل بصورة إنسان كامل الأعضاء ، ولا مانع يمنعـه من وطء الإنسية إلا بالتحصن بالذكر والدعـاء والأوراد المأثورة ، وقد يغلب على بعض النساء ، ولو استعاذت منه ، حيث يلابسها ويخالطها ، ولا مانع أيضاً أن الجنية تظهر بصورة امرأة كاملة الأعضاء ، وتلابس الرجل حتى تثور شهوته ، ويحس بأنه يجامعها وينزل منه المني ويحس بالإنزال . ” الفتاوى الذهبية في الرقى الشرعية ” ( ص 199 ) 0 وثمة علاج لهذا الأمر الذي تعاني منه ، فعليها الالتزام بما نذكره لها ، ونسأل الله لها الشفاء والعافية : 1. قراءة آية الكرسي قبل نومها . عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ فَأَتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنْ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَذَكَرَ الْحَدِيثَ – فَقَالَ : إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنْ اللَّهِ حَافِظٌ وَلَا يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ ذَاكَ شَيْطَانٌ ) . رواه البخاري ( 3101 ) – معلَّقاً بصيغة الجزم – والنسائي في ” عمل اليوم والليلة ” ( ص 533 ) . 2. قراءة آخر آيتين من سورة البقرة كل ليلة . عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْآيَتَانِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مَنْ قَرَأَهُمَا فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ ) . رواه البخاري ( 3786 ) ومسلم ( 808 ) . قال النووي – رحمه الله – : قوله صلى الله عليه وسلم : ” الآيتان من آخر سورة البقرة من قرأهما في ليلة كفتاه ” قيل : معناه كفتاه من قيام الليل ، وقيل : من الشيطان ، وقيل : من الآفات . ويحتمل : من الجميع . ” شرح مسلم ” ( 6 / 91 ، 92 ) . 3. الدعاء في الصباح والمساء بالدعاء الوارد في الحديث الآتي : عن عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ فِي صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ : بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ ) . رواه الترمذي ( 3388 ) وصححه ، وأبو داود ( 5088 ) وابن ماجه ( 3869 ) . 4. تطييب البدن بالمسك ، أو بغيره من أنواع الطيب ، ودهن ما بين السرَّة والركبة من ذلك تحديداً ؛ زيادة في تنفير الشياطين عنها . قال ابن القيم – رحمه الله – : وفى الطِّيب من الخاصية : أنَّ الملائكة تُحبه ، والشياطين تنفِرُ عنه ، وأحبُّ شيءٍ إلى الشياطين : الرائحةُ المنتنة الكريهة ، فالأرواحُ الطيبة تُحِبُّ الرائحة الطيبة ، والأرواحُ الخبيثة تُحِبُّ الرائحة الخبيثة ، وكل روح تميل إلى ما يناسبها ، فـ ( الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ ) النور/ 26 . وهذا – أي : ما ذُكر في الآية – وإن كان في النساء والرجال : فإنه يتناولُ الأعمالَ والأقوالَ ، والمطاعم والمشارب ، والملابس والروائح ، إما بعموم لفظه ، أو بعموم معناه . ” زاد المعاد في هدي خير العباد ” ( 4 / 279 ، 280 ) . 5. الاستقامة على أمر الله تعالى ، والبُعد عن المحرَّمات ؛ فإن من شأن ذلك أن يقوِّي إيمانها ، ويساهم في طرد الشياطين عنها . قال الشيخ عبد الله الجبرين – رحمه الله – : طريق التحصن من شرِّها : التحفظ ، والدعاء ، والذِّكر ، واستعمال الأوراد المأثورة ، والمحافظة على الأعمال الصالحة ، والبعد عن المحرمات ، والله أعلم ” الفتاوى الذهبية في الرقى الشرعية ” ( ص 199 ) 0
ثالثاً : ننبه الأخت المبتلاة إلى وجوب الغسل في حال حصل منها إنزال . قال زين العابدين بن نجيم – رحمه الله – : ولو قالت : معي جنِّي يأتيني في النوم مراراً وأجد ما أجد إذا جامعني زوجي : لا غسل عليها ! وفي ” فتح القدير ” : ولا يخفى أنه مقيد بما إذا لم تر الماء ، فإن رأته صريحاً : وجب ، كأنه احتلام . ” البحر الرائق ” ( 1 / 60 ) . وهو قول الحنفية والمالكية ، كما في ” الموسوعة الفقهية ” ( 31 / 202 ) . وينظر حول التناكح بين الإنس والجن جوال السؤال رقم (111301) .